ماذا قالت حملة "Pallywood" ومنصات إعلامية غربية عن الحرب في غزة؟
لم يكن الانحياز الصارخ لوسائل الإعلام الغربية لدولة الاحتلال الإسرائيلي وليدَ السابع من أكتوبر الماضي، إذ كان من الواضح لشاهدي العيان بأن معظم تغطيات وسائل الإعلام الغربية للحروب بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي تفتقد جزءًا لا بأس به من معايير الدقة والنزاهة.
وبحسب موقع "Unbias The News"، فقد تم جمع تواقيع أكثر من 1500 صحفي يعملون لدى مؤسسات صحفية أمريكية قدموا خطابًا مفتوحًا؛ احتجاجًا على تعامل وسائل الإعلام الغربية مع "المجازر الوحشية" التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
وسائل الإعلام الغربية عَمدت إلى تقويض الآراء الفلسطينية، في وقتٍ كانت لغة التحريض بتصاعد لافت ضد الفلسطينيين ودفاعهم المشروع عن أراضيهم بحسب ما ينص عليه القانون الدولي.
في سياق محاولة تبنّي الرواية الأولى بشأن مزاعم اعتداءات جنسية تزعم بتورط حركة حماس فيها خلال أحداث السابع من أكتوبر، نشرت صحيفة ليبيراسيون، واحدة من أكثر الصحف الفرنسية تأثيرًا والمعروفة بتوجهها اليساري، مقابلة صحفية مع المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية والمدعية السابقة ميريت بن مايور.
صحيفة ليبيراسيون يرأسها دوف ألفون، وهو العضو السابق في المخابرات الإسرائيلية، وقد نشر كتابًا عن "الوحدة 8200" في الجيش الإسرائيلي، مما قد ينعكس على التغطية المهنية للحرب أو على الأقل يوجِد شبهة للتحيز للرواية الإسرائيلية ربما ترقى إلى "التضارب في المصالح"، وبيان ذلك شكل المقابلة المنسجم تمامًا مع السردية الإسرائيلية بشأن ما وقع يوم 7 أكتوبر.
ووفقاً لتحليل إنترسبت للتغطية الإعلامية الرئيسية، فقد أظهرت تغطية واشنطن بوست ونيويورك تايمز ولوس أنجلوس تايمز للحرب الإسرائيلية على غزة تحيُّزًا ضد الفلسطينيين. كما أن وسائل الإعلام المطبوعة، التي تلعب دورًا مؤثرًا في تشكيل وجهات النظر الأمريكية حول الحرب الإسرائيلية الفلسطينية، لم تُعرِ سوى القليل من الاهتمام للتأثير غير المسبوق لحملة الحصار والقصف الإسرائيلية على الأطفال والصحفيين في قطاع غزة.
صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريرًا يكشف عن ضغوطات على صحفيين في شبكة CNN الأمريكية؛ من أجل دعم "ساذج" للمزاعم الإسرائيلية وإسكات الصوت الفلسطيني.
تتجسد هذه الضغوطات في منع بعض محاولات الضغط التي يمارسها صحفيون من أجل تمرير محتوى أكثر قربا لحقيقة ما يجري في غزة، وفرض تقييد مشدد على آراء حركة حماس أو وجهات النظر الفلسطينية بشأن الوقائع ومجريات الأحداث في غزة، في حرب راح ضحيَّتُها زهاء 30 ألفًا من الشهداء الفلسطينيين، فضلًا عن التدمير شبه الكامل لأراضي قطاع غزة، على نحوٍ يجعل العيش هناك ضربًا من الخيال والمستحيل.
حملة البروباغندا العالمية التي تُدعى بـ“PALLYWOOD“، تزعم بأنّ الغزيين يفبركون قصص معاناتهم، وبأن المشاهد التي تُتَداول عبر منصات التواصل الاجتماعي هي مفتعلة وتأتي في إطار بروباغندا كاذبة بغرض كسب تعاطفٍ عالمي مع الفلسطينيين.
ومن جانب آخر الادعاء بأن المشاهد تمثيلية من خلال وضعها في سياق ساخر حول مشاهد الموت والضحايا حتى لا تؤثر بالمتلقي.
أيضًا، من خلال الاستعانة بمشاهد من أفلام قد تم تصويرها مسبقًا خارج غزة وإسقاطها على المعاناة التي يعيشها المدنيون في غزة من قصفٍ وحرب تجويعٍ وحصار بغاية خلق تضليلٍ متعمد يضرب الرواية المضادة، وأيضًا تشكك بمعاناتهم الموثقة من خلال التلاعب بمشاهد حيّة وحقيقية من داخل غزة، وأخرى مجتزأة من سياقها الأصلي.
أولَا: انتقاء مشاهد حقيقية ونشرها في غير سياق تشكيكي أو ساخر:
فمثلًا، يظهر في الصورة أعلاه تغريدة على منصة "X"، -تويتر سابقًا-، من قِبل حساب يُدعى “Yael” ، المقطع يبين طفلًا مصابًا وملقى على الأرض، بين يدي امرأة وهي تصرخ وسط تجمع يحيطمها.
أتى التداول في إطار تشكيكي، زاعمين بأنه مشهدّا تمثيليًأ، غير حقيقي.
موثق الفيديو الصحفي عبدالله العطار يوضح بأن الفيديو حقيقي في قطاع غزة، جرى توثيقه أمام مستشفى “أبو يوسف النجار" شرقي مدينة رفح، والتي تظهر بالفيديو هي امرأة في حالة من الصدمة نتيجة تعرض عائلتها للاستهداف الإسرائيلي في مخيم الشابورة في رفح.
في سياقٍ مشابه، نشر حساب يدعى “kyrixermis” عبر منصة “X”، -تويتر سابقًا، مقطعًا لرجل يحمل طفلته حديثة الولادة، مرفقًا مع ادعاء تشكيكي، يزعم أن الطفلة الظاهرة في الفيديو هي دمية.
بينما أكد موثق الفيديو الصحفي أحمد سهمود بأن الطفلة حقيقية، وليست دمية كما يدعون، وأضاف أن الطفلة ولدت داخل خيمة عائلة نعيم النازحة من بيت حانون إلى مدينة رفح.
ثانيًا: التضليل باستحضار مشاهد تمثيلية من كواليس أفلام أو مسلسلات والادعاء بأنها في غزة:
جرى تداول هذا المقطع ضمن هذه الحملة أيضًأ، يظهر فيه شاب يعود للحياة بعد وفاته، في سياق أنه "فقط في غزة يعود الأموات للحياة"، لكن الحقيقة أن الفيديو هو مجتزأ من مشهد تمثيلي تركي من فيلم قصير بعنوان “Dirilen Asker"، نُشر بتاريخ 21 مايو/أيار للعام 2018 عبر منصة يوتيوب.
أما هذا المقطع، فهو لكواليس تصوير فيلم داخل مستشفى نشره الممثل المغربي كريم دونيزال عبر حساباته بتاريخ 7 نوفمبر/تشرين ثاني 2023، بينما ادعى متداولوه أنه من غزة.
وهو ما أوضحه دونيزال بعد التواصل معه، وأضاف بأن الفيلم تم تصويره العام الماضي من إخراج المخرج المغربي Errougui Yassine، وهو الآن في طور المونتاج.
هذه الصورة حظيت أيضًا بتداول لا بأس به ضمن الحملة، تظهر رجلًا على سرير المشفى يضع المعدات الطبية بطريقة غير صحيحة، والحقيقة بأنها مجتزأة من مشهد من فيلم "لاكاسا دي امبانغ واتي" الكوميدي، نشرها مخرج الفيلم "Al JAfree md Yusop" في 14 مايو/ أيار 2018.
على نحوٍ متشابهٍ بالفعل متفقٍ بالغايات، تلعب “GAZAWOOD” الدور ذاته بنشر خطاب الكراهية عبر منصات التواصل الاجتماعي تحديدًا منصة “X”، -تويتر سابًقًا-.
هنا تداولت الحسابات المقطع مشككةً بحقيقته، بينما هو يوثق لحظة إنقاذ الطبيبة أميرة العسولي مصاب داخل ساحة مجمع ناصر الطبي، وسط إطلاق للرصاص من قبل الجيش الإسرائيلي.
تقود حسابات عديدة إسرائيلية، وغربية داعمة للاحتلال الإسرائيلي هذه الحملة بعدة لغات، أكثرها تداولًا، اللغة الإنجليزية والفرنسية، وتستهدف جماهير واسعة من مختلف الفئات والمناطق، أبرزهم الجمهور الغربي.
مآزق مهنية لوسائل الإعلام الغربية ومنها أخلاقية للحسابات الاجتماعية بالحرب في غزة تبنَّت معايير مزدوجة في كيفيّة رؤية المدنيين الفلسطينيين الذين يرزحون تحت القصف منذ أكثر من 150 يومًا، وكما يتوضح أعلاه عبر الأمثلة، فإن بعض الوسائل الإعلامية الغربية والمنصات الغربية الداعمة للاحتلال الاسرائيلي منخرطةٌ بنشر خطاب الكراهية والتضليل المتعمَّد.